جدري القردة : أحدث المعلومات عن الأعراض، الأسباب، الوقاية والعلاج

 

جدري القردة / Monkeypox

يُعدّ جدري القردة مرضًا فيروسيًا نادرًا، لكنه خطير وقد شهد في السنوات الأخيرة تفشيًا ملحوظًا خارج المناطق التي كان شائعًا فيها سابقًا. ولكن، هل يُشكّل جدري القردة خطرًا حقيقيًا في عام 2024؟

في هذا المقال، سنستعرض لكم أحدث الأبحاث حول فيروس جدري القردة وتفاصيل هامة تساعد في فهم المرض والوقاية منه وايضا خيارات العلاج المتاحة.

صورة توضيحية لشكل جدري القردة
جدري القردة : أحدث المعلومات عن الأعراض، الأسباب، الوقاية والعلاج

ما هو جدري القردة؟

جدري القردة) باللغة الإنجليزية ,(Monkeypox : يعرف ايضا بجدري النسناس, هو مرض فيروسي ينتمي إلى عائلة Orthopoxvirus  ، وهي نفس العائلة التي ينتمي إليها الجدري) باللغة الإنجليزية : (Smallpox ، الذي يسببه فيروس الفاريولا () باللغة الإنجليزية: Variola Virus  (ينتقل بين الحيوانات والبشر، وأيضًا من شخص لآخر.

في الآونة الأخيرة، شهدت الإصابات بجدري القرود (Mpox)   ارتفاعًا في مختلف أنحاء العالم، مما أثار مخاوف العديد من الأفراد من احتمال تحوله إلى وباء عالمي مشابه لجائحة فيروس كورونا المستجد.

انتشار جدري القردة: من إفريقيا إلى العالم

تم اكتشاف جدري القردة (Mpox) لأول مرة عام 1958 عندما ظهر المرض بين القرود في مختبر للأبحاث في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ولهذا سُمي بهذا الاسم. ومع ذلك، لم يتم تسجيل أول حالة إصابة بشرية حتى عام 1970 في نفس الدولة. في العقود التي تلت ذلك، بقي المرض محصورًا إلى حد كبير في وسط وغرب إفريقيا، حيث كانت تحدث حالات التفشي العرضية، وخاصة في المناطق الريفية التي تتم فيها تعاملات مستمرة بين البشر والحيوانات البرية المصابة.

بحلول أوائل الألفية الجديدة، وتحديدًا في 2003، سُجل أول تفشٍ كبير خارج إفريقيا في الولايات المتحدة، حيث أصيب العشرات بمرض جدري القردة نتيجة تعاملهم مع كلاب المروج المستوردة. لكن الانتشار الدولي ظل محدودًا حتى السنوات الأخيرة.

 في 2022، شهد العالم تفشيًا غير مسبوق لمرض جدري القرود من الفصيلة , IIb في العديد من الدول خارج إفريقيا، بما في ذلك أوروبا، الولايات المتحدة، وأجزاء من آسيا.

كان هذا الانتشار مرتبطًا ب:  

·  زيادة التنقل العالمي والتجمعات الكبيرة .

·  سهولة انتقال العدوى.

·  الاتصال الجنسي.

أما في نوفمبر 2023، فقد بدأت جمهورية الكونغو الديمقراطية مواجهة تفشٍ آخر لجدري القردة، ولكن هذه المرة كان الفيروس من الفصيلة (MPXV clade I).

 وفي عام 2024، زادت حالات الإصابة بهذه الفصيلة وامتدت إلى عدة دول إفريقية.

بحلول أغسطس 2024، أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في إفريقيا (Africa CDC) أن جدري القردة يشكل تهديدًا صحيًا على مستوى القارة، فيما صنفته منظمة الصحة العالمية (WHO) كحالة طوارئ صحية ذات اهتمام دولي.

أنواع جدري القردة

يوجد نوعان رئيسيان من فيروس جدري القردة(Mpxv)  ، حيث يُقسم هذا الفيروس إلى مجموعتين:

·  فيروس جدري القردة وسط إفريقيا (المعروف أيضًا بحوض الكونغو): يُعتبر أكثر شدة، ويصل معدل الوفيات فيه إلى حوالي 10%. هذا النوع يُظهر أعراضًا أكثر حدة ويمكن أن ينتقل بسهولة أكبر بين الأفراد.

·  فيروس جدري القردة غرب إفريقيا: هو النوع الأكثر انتشارًا حاليًا، يُعتبر أقل حدة، حيث تصل نسبة الوفيات فيه إلى حوالي 1% أو أقل. يتميز هذا النوع بأعراض أقل شدة وعادةً ما يكون انتقال العدوى بين الأشخاص محدودًا.

أسباب الإصابة بجدري القردة

ينتقل فيروس جدري القرود من الحيوانات إلى البشر، وأحيانًا بين البشر عن طريق:

· الاتصال المباشر بالحيوانات المصابة مثل القردة والفئران والقوارض.

· الاتصال المباشر مع شخص مصاب: سواء عن طريق ملامسة الدم، السوائل الجسمية، القروح، أو القشور.

· استنشاق القطرات المحمّلة بالفيروس: والتي تنتج عن سعال أو عطس الشخص المصاب.

· ملامسة الأدوات الملوثة: مثل الملابس وأغطية الفراش.

أعراض جدري القردة: متى يجب عليك القلق؟

تتشابه أعراض جدري القردة(Mpox)  مع الجدري البشري، لكنها أقل حدة، وتظهر عادة بعد فترة حضانة تتراوح من 5 إلى 21 يومًا.
تشمل أعراض فيروس جدري القردة ما يلي:

1. الحمى

2. الطفح الجلدي

3. آلام العضلات والمفاصل

4. التعب

5. التهاب العقد اللمفاوية

6. ألم في الرأس

7. التقيؤ

8. إسهال

9. التهيج

ملاحظة هامة : تتشابه أعراض جدري القردة عند الأطفال مع البالغين، ولكن قد تكون الأعراض أكثر حدة عند الأطفال، وخاصةً عند الأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

تشخيص جدري القردة

يتم تشخيص مرض جدري القردة عبر اختبارات مخبرية تشمل:

· تحليل الدم

· الفحص الفيروسي لتحديد وجود الفيروس في السوائل الجسمية أو الجروح.

· التصوير الشعاعي لتحديد المضاعفات الرئوية إن وجدت.

أحدث الأبحاث لعام 2024 : بارقة أمل في مواجهة جدري القردة

تركز البحوث الحالية على تطوير علاجات وأساليب وقاية أكثر فعالية لفيروس جدري القرود.

 وتشمل هذه الجهود:

  · تطوير اللقاحات: هناك جهود مستمرة لتطوير لقاحات جديدة أو تحسين اللقاحات الحالية لفيروس جدري القردة. تم تطوير لقاحات مثل Jynneos و ) ACAM2000هما لقاحان يستخدمان للوقاية من الجدري Smallpox  (، والتي أظهرت فعالية في توفير حماية ضد الفيروس.

  · دراسة الأدوية المضادة للفيروسات: يتم البحث في فعالية الأدوية المضادة للفيروسات، مثل Tecovirimat، والتي يمكن أن تساعد في تقليل شدة المرض وتسريع عملية الشفاء.

   · تحسين أساليب العلاج الداعم: يتضمن العلاج الداعم استخدام مسكنات الألم والمضادات الحيوية لمنع أو علاج الالتهابات الثانوية، خاصةً لدى المرضى الذين قد يعانون من مضاعفات.

تعتبر هذه الجهود جزءًا من الاستجابة العالمية للسيطرة على انتشار فيروس جدري القرود والحد من تأثيره على الصحة العامة.

الوقاية من جدري القردة

لمنع انتشار فيروس جدري القردة، تنصح الجهات الصحية باتباع الإجراءات الوقائية التالية:

·  تجنب الاتصال المباشر بالحيوانات البرية.

·  تجنب ملامسة الأشخاص المصابين بالمرض.

·  غسل اليدين بانتظام بعد ملامسة الحيوانات أو الأشخاص المصابين.

·  ارتداء الملابس الواقية والقفازات عند التعامل مع الحيوانات.

·  التطعيم للأشخاص المعرضين للخطر.

· تغطية القروح.

· الحصول على اللقاح.

علاج جدري القرود

لا يوجد حتى الآن علاج محدد لمرض جدري القردة، ولكن يُستخدم اللقاح المضاد لفيروس الجدري كوسيلة وقائية. بالإضافة إلى ذلك، هناك علاجات داعمة تهدف إلى التخفيف من الأعراض مثل مسكنات الألم، وكذلك مكافحة العدوى البكتيرية المرتبطة بالمضاعفات.

مضاعفات جدري القرود

مضاعفات مرض جدري القرود يمكن أن تتفاوت في شدتها وقد تشمل ما يلي:

· الالتهابات الثانوية: يمكن أن تحدث عدوى بكتيرية ثانوية في مناطق الطفح الجلدي، مما يؤدي إلى التهاب الجلد وتدهور الحالة الصحية.

· التهاب الرئتين: في بعض الحالات، قد يتسبب الفيروس في التهاب الرئة، مما يؤدي إلى صعوبات في التنفس وأعراض تنفسية أخرى.

·  ندبات الجلد: قد تترك الآفات الجلدية التي تسببها جدري القرود ندبات بعد الشفاء، خاصةً إذا تم خدشها أو عدم الاهتمام بها بشكل صحيح.

·  مشكلات في العين: في حالات نادرة، يمكن أن يؤدي الفيروس إلى مشاكل في العين، مثل التهاب الملتحمة أو حتى فقدان البصر.

· ضعف جهاز المناعة: يمكن أن يعاني الأشخاص الذين لديهم جهاز مناعي ضعيف من مضاعفات أكثر خطورة، بما في ذلك شدة الأعراض وزيادة خطر الوفاة.

· الحمى الشديدة: قد تؤدي الحمى الناتجة عن العدوى إلى مضاعفات صحية أخرى، مثل الجفاف أو ضعف العضلات.

· التأثير على النساء الحوامل: قد تتعرض النساء الحوامل لمضاعفات خطيرة، مثل الإجهاض أو الولادة المبكرة، إذا أصبن بالفيروس.

ملاحظة:  من المهم استشارة الطبيب عند ظهور أعراض جدري القرود لتجنب تفاقم الحالة والحد من المضاعفات المحتملة.

أسئلة شائعة حول جدري القردة

1.  ما هي مدة الحضانة لفيروس جدري القردة؟

      تتراوح فترة الحضانة بين 5 و21 يومًا.

2. هل يوجد علاج نهائي لجدري القردة؟

       لا يوجد علاج نهائي، ولكن العلاجات تُركز على التخفيف من الأعراض ومنع المضاعفات.

3. هل جدري القردة قاتل؟

في معظم الحالات، جدري القردة ليس مرضًا قاتلًا. تختلف خطورة المرض حسب النوع الفيروسي. وبشكل عام، تكون الحالات الشديدة أكثر شيوعًا بين الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة أو الأطفال.

4. هل يمكن الإصابة بجدري القردة مرة أخرى بعد التعافي منه؟

بعد الإصابة بجدري القردة والتعافي منه، قد يكتسب الجسم مناعة مؤقتة ضد الفيروس، ولكن لا توجد ضمانات أن هذه المناعة تستمر مدى الحياة. بعض الدراسات تشير إلى أن احتمالية الإصابة مرة أخرى تبقى قائمة، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة. لذلك، من الضروري اتخاذ الاحتياطات اللازمة حتى بعد التعافي.

5. ما هي مخاطر الإصابة بجدري القردة أثناء الحمل؟

الإصابة بجدري القردة خلال فترة الحمل قد تحمل مخاطر كبيرة. تشير الدراسات إلى أن الفيروس يمكن أن ينتقل من الأم إلى الجنين، مما يزيد من احتمالية حدوث الإجهاض أو الولادة المبكرة، بالإضافة إلى خطر إصابة الطفل حديث الولادة بالعدوى. لذلك، من الضروري أن تتخذ النساء الحوامل احتياطات إضافية لتجنب التعرض لأي شخص مصاب.

6.  من هم الأكثر الأشخاص عرضة للإصابة بعدوى جدري القردة؟

الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بجدري القردة هم:

·  العاملون في مجال الرعاية الصحية الذين يتعاملون مع المرضى المصابين بجدري القردة.

·  الأشخاص الذين يعيشون أو يسافرون إلى مناطق ينتشر فيها الفيروس، مثل أجزاء من غرب ووسط إفريقيا.

·  الأفراد الذين يتعاملون مع الحيوانات البرية أو يعملون في تجارة الحيوانات.

·  الأشخاص الذين لديهم اتصال جسدي وثيق مع المصابين بالعدوى، بما في ذلك أفراد الأسرة أو الشركاء الجنسيين.

·  الأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

7.  هل ينتقل جدري القردة جنسياً ؟

على الرغم من أن فيروس جدري القردة ينتقل بشكل أساسي من خلال الاتصال المباشر مع سوائل الجسم أو الجروح المصابة، إلا أن الأبحاث الحديثة تشير إلى إمكانية انتقاله أيضًا عبر الاتصال الجنسي.

الاتصال الجسدي القريب، وخاصة عند ملامسة سوائل الجسم المصابة، قد يؤدي إلى انتشار العدوى، مما يجعل الاتصال الجنسي وسيلة محتملة لانتقال الفيروس.

8.  ما الفرق بين جدري القردة والهربس؟

رغم أن جدري القردة (Mpox) والهربس(Herpes) يسببان الطفح الجلدي، إلا أن هناك فروقًا كبيرة بينهما.

·  جدري القردة ينتج عن فيروس مختلف ويترافق مع حمى وآلام في الجسم.

·  يظهر الهربس غالبًا حول الفم أو الأعضاء التناسلية، وينتقل من خلال الاتصال المباشر بالجلد (Direct skin contact) أو الاتصال الجنسي ( (sexual contact

الخلاصة

في ظل التطورات المتسارعة في فهم فيروس جدري القردة، أصبح من الضروري متابعة أحدث الأبحاث للوقاية من المرض والتعرف على أفضل طرق العلاج.

يجب أن يكون الهدف هو السيطرة على تفشي مرض جدري القردة من خلال التعاون الدولي وتوزيع اللقاحات بشكل عادل، بالإضافة إلى تعزيز البحث العلمي لفهم هذا الفيروس بشكل أعمق.

المراجع:

1.  منظمة الصحة العالمية (WHO):

2.  مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC):

3.  المراكز الأوروبية لمكافحة الأمراض (ECDC):



تعليقات